04-مارس-2022

(Getty)

قبل أسابيع، خرج نادي توتنهام من ملعب الاتحاد فائزاً على أفضل فريق في أفضل دوري في أوروبا، وكرر مدربهم الإيطالي أنطونيو كونتي فوزه على بيب غوارديوللا، كونتي في المباراتين لم يكن الأفضل ولم يكن الأكثر تسديداً أو الأكثر استحواذاً، بل كان الأكثر استغلالاً للفرص و الأكثر تركيزاً، ليس في مباراته ضد السيتي فقط، إنما في معظم مباريات  توتنهام، والتي لعبوها تحت قيادة العراب الإيطالي حتى الآن.

كونتي يسمح للخصم أن يلعب و يستحوذ ويبذل الجهد للوصول إلى المرمى، لكنه يعرف كيف يوقف الخصم أو يقلل من خطورته عند اللزوم، فتجد من يلعب ضده غالباً ما يلجأ للتسديد البعيد أو الكرات العرضية غير المجدية.

من هو أنطونيو كونتي وماهي مسيرته التدريبية؟

ولد أنطونيو كونتي في ليتشي إيطاليا عام 1969 الموافق لـ31 من شهر يوليو/تموز، وبدأ مسيرته الكروية مع نادي مدينته في مركز خط الوسط عام 1985، واستمر معهم سبع سنوات، ثم أنتقل إلى يوفنتوس وبقي لمدة 12 سنة وتحديداً حتى عام 2004، وسجل معهم 29 هدفاً،  مثّل المنتخب بين عامي 1994 و2000 فشارك في 20 مباراة وسجل هدفين.

أما كونتي المدرب فهو يملك سجلاً قوياً و بالتحديد مع نادي يوفنتوس ،عندما تسلم تدريب الفريق البائس آنذاك والذي كان بعيداً عن الألقاب لمدة 6 مواسم، وفي موسمه الأول 2011/12 حقق كونتي بطولة الدوري  دون أي خسارة، والذي أعطاه ثقة كل من في نادي السيدة العجوز، وتم تجديد عقده حتى 2016.

في الموسم التالي حافظ كونتي على بطولة الدوري، وفي الموسم الثالث حقق الإسكوديتو للمرة الثالثة توالياً قبل أن يعلن رحيله عن الفريق في عام 2016، ليكمل إلى تشيلسي ويحقق معهم لقب الدوري وكأس انجلترا، ثم انتقل إلى تدريب إنتر ميلان وقاده إلى تحقيق لقب غائب منذ 2010، والجدير بالذكر أن كونتي بدأ مسيرته التدريبية عام 2005 كمساعد مدرب نادي سيينا ثم درب نادي أريستو، ومنها انتقل إلى باري ثم أتالانتا ثم عاد إلى سيينا عام 2010، ونجح معهم في الصعود للدرجة الأولى، وآخر محطاته كانت تدريب نادي توتنهام الإنجليزي.

خطته وأسلوب لعبه :

بداية كونتي التدريبية كانت تعتمد على خطة 352، وهو يملك الفكر الإيطالي في الاهتمام بقوة الدفاع لكن دون تكتل، عند كونتي يجب أن يكون الجناحين من العيار الثقيل من الناحية البدنية، ليكون لهما دور دفاعي وهجومي بنفس الوقت، ثم مع تطور التكتيك في كرة القدم تحول كونتي للعب برسم 343 و3421، وهذه الطريقة تسمح له باللعب بأسلوب دفاعي، مع الانتقال إلى الوضع الهجومي بتغيير شكل الفريق في بناء الهجمة، فكيف يتم ذلك؟

عند اللعب بطريقة 343 فإن كونتي يعتمد على هذا الرسم بشكل رئيسي، وداخل الملعب يكون 3421، إذاً خط الدفاع يتكون من ثلاثة لاعبين دائماً ويلعب أمامهم أربعة لاعبين، يكون لهم الدور الأساسي في الملعب، لاعبي وسط يملكون قوة بدنية وجناحان يقومان بمساعدة لاعبي الهجوم على تفريغ مساحات لتنفيذ الهجمات عبر الأطراف و العمق، أي يبتعد الجناحان لسحب لاعبي الدفاع للخصم، وتقدم لاعب الارتكاز والمحور للأمام، مع مشاركة أحد لاعبي الدفاع، مما يعطي لاعبي الهجوم مساحات بين مدافعي الفريق الخصم وزيادة عددية في نصف ملعبهم.

 لو أردنا أخذ مثال على ذلك سنتحدث عن مباراة توتنهام ضد مان سيتي، كان من الواضح أن كونتي لعب برسم 3421، وقام الفريق بالتصدي لكل هجمات السيتيزن بصلابة، فكان هويبرغ يعود للدفاع ليتحول الخط الخلفي إلى أربعة لاعبين، مع خط دفاعي ثاني يتألف من لاعبي الوسط، وعند امتلاك لاعبي توتنهام للكرة فإن الأسلوب الهجومي يتشكل بتقدم هويبرغ للزيادة العددية، واللعب على شكل مثلثات على الأطراف لسحب لاعبي الخصم، ثم نقل الكرة إلى الوسط أو الطرف الآخر، مما يسمح بتوفير مساحات للكوري سون و هاري كين، ولاحظنا أيضاً تقدم المدافع ديفيز(سنتر باك) في كثير من الأحيان نحو الوسط، وحتى عند قطع الكرة من قبل الخصم فإن لاعبي توتنهام يمارسون الضغط العالي في ملعب خصمهم، لإجبارهم على بناء الهجمة ببطء، مما يسمح للاعبيهم بالعودة إلى مراكزهم.

كونتي مدرب يملك فكرًا عاليًا مبدعًا داخل الملعب، ويمكن أن يجاري بل و يفوز على أي فريق يلعب ضده مهما كانت قوته، و ظهر ذلك ضد غوارديولا، و ضد كلوب أيضًا، تحديداً في المباراة التي انتهت بالتعادل بهدفين لهدفين، ويتبادر سؤال إلى ذهن القارئ هو لماذا لا يستمر كونتي مع الأندية التي يدربها لفترة طويلة، إذا كان بكل هذه الحنكة و لديه إبداع تكتيكي عال؟

الإجابة تكمن في أن كونتي من نوعية المدربين الذين يحب أن تكون لهم اليد العليا في التحكم بالفريق ككل، أي لا يحب  تدخل أي شخص في عمله مهما كان منصبه في النادي، وهذا ما يعرضه لمشاكل مع الإدارة وحتى مع اللاعبين في بعض الأوقات، فهو قريب بشخصيته هذه من المدرب الإيطالي كابيللو، كونتي في مسيرته كان دائماً مدرب طوارئ، وفي معظم الأوقات كان ينجح في تحقيق أكثر من المطلوب منه، ودون استخدام ميزانية كبيرة أو طلبات تعجيزية، فهو يملك إلى جانب التأثير الفني على الفريق، له أيضاً تأثير ذهني كبير على اللاعبين، فمثلاً جميعنا كان ينتظر مغادرة هاري كين من ناديه توتنهام، لكن كونتي أعاده نجم الفريق الأول، وغسل من دماغه فكرة مغادرة الفريق، وهناك قول لأحدهم عن كونتي " أن تكون عظيماً، فهذا يعني أن تخلق حلولاً من العدم، هذا هو كونتي".

 

اقرأ/ي أيضًا: 

أنطونيو كونتي وتشيلسي: غرام وانتقام

بعد عشرٍ عجاف.. أنطونيو كونتي يقود مشروع إنترميلان الجديد