25-فبراير-2024
أزمة الصرف الصحي في غزة

تهدد أزمة الصرف الصحي حياة النازحين (رويترز)

في الوقت الذي يتواصل فيه القصف الإسرائيلي على قطاع غزة، المستمر منذ 142 يومًا، يخوض أهالي القطاع المحاصر، سيما النازحين منهم، صراعًا يوميًا ضد البرد والجوع والمرض وأزمة الصرف الصحي المتزايدة.

ويعاني النازحون في قطاع غزة، منذ الأيام الأولى من الحرب، من الافتقار إلى المراحيض الكافية والمياه النظيفة ومياه الصرف الصحي المفتوحة. وبحسب تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، يضطر بعض النازحين، بما في ذلك النساء، إلى قطاع مسافة 200 متر تقريبًا للوصول إلى أقرب حمام. 

لكن المعاناة لا تنتهي بالوصول إلى الحمام، ذلك أن عليهم الانتظار في طابور طويل ولمدة قد تصل إلى ساعة لاستخدامه، الأمر الذي دفع بالكثير منهم إلى تقليص تناولهم للطعام والشرب لتجنب الزيارة غير المريحة وغير الصحية، إلى الحمام الذي يتشاركونه مع مئات الأشخاص الآخرين. تقول نازحة في رفح، تبلغ من العمر 75 عامًا، للصحيفة: "لن أشرب الماء. سأظل عطشانة حتى لا أضطر للذهاب إلى الحمام. توقفت عن شرب القهوة والشاي". 

يضطر الكثير من النازحين إلى قطع مسافة طويلة، والانتظار لمدة قد تصل إلى ساعة، لاستخدام الحمام

ولتفادي قطع هذه المسافة الطويلة، لجأ البعض، وكما توضح الصحيفة الأمريكية، لحفر حفرٍ بالقرب من خيامهم، بيد أن ذلك وضعهم أمام تحديات أخرى تتمثل في المخاطر الصحية لمياه الصرف الصحي، ورائحتها التي تملأ مخيماتهم المؤقتة. 

وبسبب أزمة الصرف الصحي، أفادت "منظمة الصحة العالمية" بانتشار التهاب الكبد الوبائي (A) بين النازحين، إلى جانب اليرقان الناجم عن هذا الالتهاب، فيما ارتفعت حالات الإسهال بين الأطفال بشكل كبير وفقًا لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف".

وقال تيدروس أدهانوم غيبريسوس، المدير العام لـ"منظمة الصحة العالمية"، في منشور على حسابه في مواقع التواصل الاجتماعي، إن: "الظروف المعيشية غير الإنسانية – بالكاد تتوفر مياه نظيفة ومراحيض نظيفة وإمكانية الحفاظ على نظافة المناطق المحيطة – ستسمح بانتشار التهاب الكبد A بشكل أكبر". 

وقدّر علماء أوبئة بارزون أن الحرب في غزة قد تتسبب في وفاة ما يصل إلى 85 ألف فلسطيني خلال الأشهر الستة المقبلة، جراء الإصابات والأمراض والنقص الحاد في الرعاية الطبية. 

ويضاعف الاكتظاظ الذي تشهده مدينة رفح، أقصى جنوب قطاع غزة، التي تؤوي أكثر من مليون نازح، من هذه الأزمة الإنسانية، بما في ذلك إمكانية الوصول إلى الحمامات والصرف الصحي التي تتدهور بشكل متسارع يومًا بعد يوم. 

وفي وقت سابق، أعلنت منظمة "اليونيسف" وجمعية "الهلال الأحمر الفلسطيني" أنهما حاولا إدخال مراحيض متنقلة ومواد لبناء مرافق صرف صحي، لكن قوات الاحتلال منعتهم من إدخالها. 

واعتبر أبراساك كامارا، مدير "اليونيسف" لبرنامج المياه والصرف الصحي في فلسطين، أن غياب خدمات الصرف الصحي: "مصدر قلق للصحة العامة". كما أنه، في الوقت نفسه، طريقة لانتزاع كرامة الناس منهم.

وزعمت الإدارة المدنية الإسرائيلية أن منع إدخال بعض المواد والسلع إلى قطاع غزة يرتبط بإمكانية استخدامها عسكريًا من قِبل "حركة حماس"، لكنها لم توضح، كما ذكرت الصحيفة، كيف يمكن للحمامات المتنقلة أن تخدم "حماس" عسكريًا. 

وقال مسؤولون في "اليونيسف" إن المنظمة تخطط لبناء 500 مرحاض في رفح للمساعدة في تقليل الازدحام، وبمواد بدائية متوفرة في غزة في ظل منع "إسرائيل" إدخال مواد البناء إلى القطاع. وضمن السياق نفسه، أشار كامارا إلى عودة أهالي قطاع غزة إلى الطريقة البدائية للصرف الصحي المتمثلة: "في حفر حفرة وتغطيتها". 

ويخاطر العديد من أهالي القطاع بالعودة إلى بيوتهم في مدينة غزة بسبب الواقع المعيشي البائس في رفح نتيجة الاكتظاظ، خاصةً أزمة الصرف الصحي ونقص المياه. لكن معظمهم اضطر إلى اللجوء مرة أخرى إلى رفح بسبب القصف الإسرائيلي المتواصل على بقية مناطق القطاع. 

وأمام هذا الواقع، أصبح الاستحمام رفاهية نادرة، وبات الكثير من الغزيين يتجنبون دخول الحمام أكثر من مرة واحدة في اليوم، ما يطرح تساؤلات عديدة حول مدى قدرة الجسد على تحمل هذا الوضع غير الإنساني والصحي كذلك.